Thursday, February 15, 2007

صور التعافي

صور التعافي








التعافي هو عملية شفاء ونمو. ولكنها عملية يمكن أن تكون مربكة للغاية. في بعض الأحيان تكون هناك تغييرات كثيرة تحدث في نفس الوقت لدرجة أننا لا ندري أين نحن. وفي أوقات أخرى نشعر أننا قد تعثرنا ولا نستطيع التقدم في عملية التغيير الطويلة المرهقة، حتى أننا قد نفقد رؤية الهدف الذي نتحرك نحوه. يمكن أن نصبح مرتبكين جداً لدرجة أننا لا نستطيع أن نتبين ما هو "التعافي" بالنسبة لنا. ولا نستطيع أن نتصوره في أذهاننا. ربما نستطيع أن نتصور المرض بسهولة، فنحن قد تعلمنا المرض بكل الطرق والأساليب، ونعرف الاضطراب جيداً. لكن ما هو التعافي؟ ما الذي نرجو أن نصل إليه؟ إلى أين نحن ذاهبون في رحلة تعافينا؟

لحسن الحظ أن التعافي ليس مجرد مجموعة من الاستبصارات الجديدة بشأن حالة البشر، وإنما التعافي يعود إلى بداية تاريخ الإنسان. لقد كان الله وما زال يعمل في مجال تغيير وشفاء ونمو للبشر الذين يعانون من خبرات الحياة المؤلمة، لذلك فإن الكتاب المقدس غني بالصور الذهنية القوية، التي ساعدت المؤمنين عبر العصور أن يفهموا عملية التعافي.

هذه المجموعة من التأملات تقوم بدراسة بعض من الصور الكتابية للتعافي. لقد شعرنا بالتشجيع الشديد بسبب التنوع والعمق الموجود في هذه الموضوعات الكتابية، نصلي أن تتشجع أنت أيضاً وأنت تتأمل بها خلال رحلتك الشخصية في التعافي.


صورة للتعافي:

أن نكون متأصلين في المحبة

«وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا .... وتعرفوا محبة المسيح.»

(أفسس3: 18، 19)

كلنا لنا جذور. الجذور هي قنوات الحياة التي تمتد في التربة لتلتمس الماء والغذاء، كما أنها تقدم للنبات الثبات والاستقرار عندما تهب الرياح وعوامل التعرية. لكن للأسف كثيرون منّا جذورهم متأصلة في تربة الخجل والعار. الجذور في هذه التربة الصخرية تصبح معوقة ولا تستطيع أن توفر للنبات نمواً ولا غذاءً ولا استقراراً.

التعافي بالنسبة لكثيرين منا هو بمثابة عملية نقل للنبات من تربة إلى تربة أخرى. إنها عملية السماح لله أولاً أن يخلعنا من هذه التربة الصخرية الصعبة ويغرسنا في تربة المحبة. في تربة المحبة الغنية، تستطيع جذورنا الرقيقة الضعيفة لأول مرة أن تمتد بسهولة وتنموا وتتأصل حيث التغذية الحقيقية والثبات الحقيقي.

ولكن النقل من تربة إلى تربة أخرى ليس سهلاً. مهما حاول الله أن ينزعنا بلطف وحنان من تربة العار، فإننا لا نزال نشعر بالتعب والضيق من هذه النقلة، كما أن امتداد الجذور في تربة جديدة يعطينا شعوراً بالخوف وعدم الارتياح، وكأنها مغامرة جديدة لا نعرف نتائجها. لكن بينما جذورنا تتأصل في تربة محبة الله، سوف نبدأ لأول مرة في أن نختبر النمو الحقيقي الذي لم يكن ممكناً أبدأً في تربة الرفض والعار. سوف نصبح "متأصلين ومتأسسين في المحبة."

يارب، نمت جذوري في تربة فقيرة،

ليس فيها غذاء،

ولا فيها استقرار.

جذوري تشابكت وتعقدت

توَقَفَت عن الامتداد.

لم تعد تجد مكاناً تفرد فيه طولها،

ولا قدرتها على الحياة،

انقلني لتربة جديدة،

اعطني تربة مليئة بالنعمة،

لتتأصل جذوري في هذه التربة عميقاً.

أريد أن أختبر الاستقرار

في تربة تقبلني كما أنا،

وأطعمني من حبك يارب.

آمين.


صورة للتعافي:

أن يتم العثور علينا بعد التيهان

«أي إنسان منكم له مئة خروف، وأضاع واحداً منها،
ألا يترك التسعة والتسعين في البرية، ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟ وإذا وجده يضعه على منكبيه فـَـرِحاً،
ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم:
افرحوا معي، لأني وجدت خروفي الضال!»

(لوقا 15: 4- 5)

من السهل جداً أن نضل الطريق. ربما نبدأ الطريق بثقة عظيمة أننا نعرف جيداً أين نحن وإلى أين نحن ذاهبون. ثم يأتي وقت أثناء رحلة الحياة نضل الطريق، ونجد أنفسنا بمفردنا ونفقد الوعي بالمكان والشعور بالاتجاه. عندئذ نشعر بالارتباك والحيرة. لا نستطيع أن نعود من حيث بدأنا ولا أن نجد "للمسار الصحيح" مرة أخرى. لحسن الحظ أن الله منتبه لنا في تلك الأوقات الله يدرك أننا ضللنا الطريق. وبسبب قيمتنا العظيمة عنده، يذهب لأجل كل واحد فينا حتى يجده. الله يبحث عنا ولا يهدأ حتى يعثر علينا.

ماذا يحدث عندما يعثر الله علينا؟ أغلبنا يتوقع أن الله سوف يقول: "أين كنت؟ لقد كنت أبحث عنك طوال الوقت! ألا تستطيع أن تسير في الطريق السليم أبداً؟! ماذا دهاك؟ لا أريد أن أضيع وقتي ووقت الخراف في البحث عنك مرة أخرى! هل تفهم؟"

في المثل الذي قدمه يسوع لم تكن هناك أية إشارة للتوبيخ أو التأنيب أو التعنيف أو الإشعار بالذنب والعار. عندما يعثر الله علينا، فإن رد فعله الأول هو الفرح. إنه يلتقطنا من المكان الذي وصلنا إليه ويحملنا عائداً للمنزل. الله يحتفل بنا. الله منتبه لنا ويلاحظ عندما نضل الطريق ويسرع بالبحث عنا وعندما يجدنا، يفرح ويحتفل. التعافي هو عطية أن يعثر الله علينا بعد التيهان.


لقد كنتُ ضالاً يا رب

وحيداً، حيراناً، لا أعرف أين أذهب ولا أين هو الطريق

خائفاً، مرتبكاً، مرتعب.

لكنك وجدتني

توقعت منك اللوم والرفض

توقعت غضباً وصياحاً وكنت مستعداً له،

توقعت أن تعتبرني حِملاً ثقيلاً يسبب لك المتاعب

ولكنك حييتني بفرح.

وقبلتني باحتفال!

أشكرك من أجل عثورك عليّ

أشكرك من أجل حملك إياي للبيت بفرح

آمين.



من كتاب" متأصلون في محبة الله" ــ تأملات كتابية لمن يسيرون مسيرة التعافي للدكتور ديل وجوانيتا رايان. ترجمة د. أوسم وصفي


No comments: